قرش الحشيش ولا كيلو اللحمة !!!

فى عام 1992 حذرت مجلة روزا اليوسف المصرية من بداية ظهور مخدر البانجو بشكل موسع ، واعتبرته وباء جديد من اوبئة المخدرات التى قد تغزو البلاد وقتها .. وانتشر البانجو بسرعة البرق .. حتى اصبح المخدر رقم واحد فى مصر والمنتشر بين الغالبية من اصحاب الكيف ...



فى هذا الوقت الذى حذرت فيه المجلة من البانجو .. كان سعر كيلو اللحمة البقرى تقريبا من 12 : 18 جنيه ، وكان سعر قرش الحشيش يصل الى 180 جنيه مصرى ، ولم يكن البانجو معروفا او مشهورا وقتها .. فـ الافلام والمسلسلات عرفت الناس على انواع المخدرات مثل الهيرويين والكوكايين وحقن الماكستون وعقار المورفين المخدر ، وفوق كل هذا كان يتربع الملك المسمى بـ الحشيش .

ثم جاء البانجو وانتشر بسرعة بين الطبقات الشعبية الى شباب الجامعات الى الطبقات الراقية ، وحتى ابطال الافلام كانوا يروجون له سواء فى عبود على الحدود واصدقائه او غيرهم ...
حتى ان البعض كان يسخر من تفكير هذا المواطن الفقير والسطحى الذى يقطع من قوت يومه لـ يشترى المخدر ويبخل على نفسه بـ ما اشتهى من طعام ..
واذكر ذات يوما فى احدى زيارتى لـ اصدقائى فى حى المطرية .. كان هناك حفل زفاف شعبى على نفس هيئة وشاكلة فيلم الفرح .. وكان البانجو منتشر انتشار النار فى الهشيم ليلتها .. وجاء احدهم يقدمه لى كل فترة فـ اعتذر بـ اننى لا ادخنه ، ولا احب مدخينه إيضا .. وكادت الليلة ان تنقلب لتصريحى هذا وكأننى سببت الانبياء ، ولكن بعضهم تدارك الموقف بسرعة .. وليلتها تسألت فى دهشة من حديث جارى الذى يشكوا من غلاء اللحمة .. فقلت :
- هى كمية البانجو اللى دخنتها بـ كام ؟
- بـ 30 جنيه يا استاذ
- طيب ما 30 جنيه يجيبوا كيلو لحمة ترم به عضمك احسن ما المخدر يلحس نافخوك ..
وجاء رده الرزيل :
- احنا بنتعاطاه عشان ننسى الغلا يا استاذ
ولم ارد وقتها .. فـ عن اى غلاء يتحدث وهو الذى يبعثر امواله على هذا الشىء ...

وتمر اعوام على هذا الموقف ، وكان احد الاصدقاء قد جاء لزيارتى حيث اتواجد .. وبعد السلامات والسؤال .. جاء الحديث عن الغلاء .. فـ بادرته بسخرية :

- لسه الناس بتشتكى من سعر اللحمة وتشرب بانجو
فجاء رده :
- بانجو ! بانجو ايه اللى انت جاى تقول عليه .. البانجو ده بتاع الفلاحين وبس دلوقتى الناس بتشرب حشيش
- ياللهول .. حشيش مرة واحدة .. ده الشعب اتنغنغ على كده .. ده قرش الحشيش كان زمان بـ 180 جنيه يعنى دلوقتى يوصل لـ 500 !!
- 500 ايه يا استاذ ؟ قرش الحشيش بـ 50 جنيه نفس سعر كيلو اللحمة ..

وصعقت من الاجابة حقا ..
ورغم انه وضح لى الامر بـ ان حشيش اليوم اصبح ( مضروب حنة ولبان دكر على حد قوله ) الا أننى لم استطع الاجابة ..

لماذا رخص سعر الحشيش هكذا .. حتى وان كان انتاج محلى او مغشوش ، وارتفعت اسعار اللحوم ..
بل لماذا غلت اسعار السلع الغذائية ككل ورخصت اسعار السلع الكمالية او المعمرة والمكيفة ..
الفيديو لم يعد له وجود واستبدل بـ الدى في دى وسعره اقل من 50 دولار تقريبا ، والكمبيوتر والمبردات وو و و الخ .. كل هذا رخص ، واصبح فى متناول يد الجميع
والان المخدر والذى كان منحصر على فئات ونوعيات معينة سواء كـ مدمنيين او هوائيين لهم من الفراغ ما يجعلهم يلجأون اليه .. اصبح متوفر وبـ هذا السعر

فـ ماذا يعنى هذا

بعضهم قالها ساخرة :
- ان الحكومة ارادت محاربة البانجو فرخصت سعر الحشيش ليطيح بـ البانجو

واعود وأسأل هذا وذاك

وماذا فعلت الحكومة ايضا لتحارب غلاء اسعار الاغذية ..
عندما يصبح سعر كيلو اللحم بنفس سعر المخدر
والجميع يهرعون اليه هربا كما يقولون او تهربا من واقعهم ..

فـ ماذا ستفعل الحكومة او غير الحكومة لـ احتواء هذه المعادلة

او انهم سيرخصون سعر البودرة لـ يتغلبوا على انتشار الحشيش ايضا . وترتفع اسعار الأغذية مرة ثانية او تثبت مع سعر المخدر .

مجرد تساؤلات