الجماهير تودع نجم المنتخب المصري والأهلي "محمد عبد الوهاب"
وكما
لا ينسى أحد هذه اللحظات الجميلة، لا يُمكن لأي مواطن عربي أو مصري نسيان
اللحظات التعيسة على كرة القدم كتلك التي تشبه وفاة الهادي بلرخيصة
والعديد من نجومنا العرب، عندما توفى عبد الوهاب قبل أربعة أعوام من الآن
أثناء مرانه مع الأهلي في ملعب مختار التيتش، ونحن اليوم في الذكرى
الرابعة على وفاته والتي تتزامن مع الشهر المعظم "رمضان" الذي بدأت أيامه
العشر الأخيرة أمس.. دعونا نتحدث قليلاً عن "محمد عبد الوهاب" في هذا
اليوم كجزء بسيط عرفاناً بكل ما قدمه خلال سنوات قليلة جداً مع المنتخب
المصري والأهلي القاهري.
وُلـد نجمــاًتـألُـق
محمد عبد الوهاب مع منتخب الشباب في كأس الأمم الأفريقية جاء نجدة للمدير
الفني للمنتخب الأول الذي كان يعاني من ضعف ووهن واضح جداً في الرواق
الأيسر للمنتخب المصري الأول فكنا نشاهده يستعين تارة بطارق السيد لاعب
الزمالك كظهير أيسر وتارة أخرى نجده مجبراً على الإستعانة بعبد الله رجب
لاعب المصري ثم عبد العزيز توفيق مدافع إنبي في نوبة توهان كبيرة من بعد
إعتزال الظهير التاريخي "محمد عمارة"، فوجود شحاته أخيراً لاعب بمواصفات
قياسية نجح في إثبات نفسه في غضون شهور معدودة فكان بمثابة النجدة التي
وجدها لإصلاح حال الجهة اليسرى للمنتخب المصري.
ظهر عبد الوهاب قبل
بزوغ نجمه مع منتخب الناشئين ببطولة كأس الأمم الأفريقية تحت قيادة حسن
شحاته في مركز الوسط مدافع في البداية وسجل هدف في مرمى أصحاب الأرض في
تلك البطولة من ضربة ثابته بيسراه أصبحت ماركة مسجلة فيما بعد سجل منها
العديد من الأهداف ومن كأس الأمم الأفريقية إلى كأس العالم بالإمارات حيث
واصل عبد الوهاب تألقه بعدما أعاده شحاته إلى مركز الظهير الأيسر قبل أن
يتحول ليحصد بطولتين متتاليتين لكأس العالم العسكري وحاز على لقب الهداف
في البطولة الثانية وهو الشئ الغريب نسبة لمدافع، عندما شارك في كأس
العالم للناشئين بالإمارات كان لاعباً رسمياً في صفوف الألومنيوم وجذب
أنظار نادي الظفرة الإماراتي الموجود بالدرجة الثانية هناك والذي ضمه لمدة
أربع سنوات لكنه لم يرتد قميص نادي الظفرة نهائياً حيث قام الفريق بإعارته
لنادي إنبي مرة أخرى في 2003 ومنه انتقل للنادي الأهلي بعدها بموسم واحد .
بعدما عرفه الجميع في لقاء الإياب
لنهائي دوري أبطال افريقيا أمام النجم الساحلي التونسي عندما صنع الهدف
الثالث الذي منح جمهور الأهلي الإطمئنان.
وبدأ عبد الوهاب في تسطير تاريخ حقيقي كأفضل ظهير أيسر جاء في تاريخ الفريق حيث نافس بقوة نجوم العصور الذهبية وعلى رأسهم الأسطورة
ربيع ياسينوساعده في ذلك قدمه اليسرى القوية للغاية والتي ساعدته على تصويباته
الصاروخية "ومن ينسى قذائفه المتعددة" بالإضافة لسرعته الكبيرة ومجهوده
القتالي .
أقوى لحظات محمد عبد الوهاب الكروية كانت بطولة كأس
الأمم الأفريقية 2006 حيث كان مطالباً بالدفاع عن ألوان المنتخب المصري في
البطولة التي اُقيمت في مصر وظهر عبد الوهاب متألقاً منذ الجولة الأولى
أمام المنتخب الليبي حيث صنع الهدف الأول في البطولة وهو الهدف الوحيد
الذي سجله
أحمد حسام ميدو في هذه البطولة ومن بعده لقاء
المغرب الذي ظهر فيه بأداء غاية في القوة مما كلفه "غرزتين" فوق الحاجب
وعلى الرغم من ذلك أكمل المباراة وظهر بمستوى رجولي وعاد ليكرر تألقه في
اللقاء الثالث أمام كوت ديفوار ثم النهائي الذي أحرز فيه ركلة جزاء
ترجيحية قبل أن يسجل أبو تريكة الركلة الأخيرة ليحسم اللقب لمصر.
ساهم
محمد عبد الوهاب في عودة مصر لصدارة الكرة الأفريقية بعد فترة ليست
بالقليلة في ليلة كانت الأولى التي لم تنم فيها القاهرة منذ زمن بعيد وكان
ذلك بأداءه القوي والذي أدهش الكثير من المتابعين خاصة عندما تقدم لتسديد
واحدة من ركلات الجزاء في المباراة النهائية بعد الإحتكام للأشواط
الإضافية ونجح في تصويبها بشكل رائع على يمين جان جاك تيزيه حارس مرمى
المنتخب الإيفواري وكانت صعوبتها الحقيقية في إضاعة قائد الفريق أحمد حسن لركلة جزاء أثناء الأشواط الإضافية وهو الموقف الذي تكرر أثناء مسلسل ركلات الجزاء حيث قام عبد الحليم علي بإضاعة
ضربة من الخمس ضربات كذلك بالإضافة لنجاحه الساحق في إيقاف لاعبين على قدر
كافي من الخطورة أمثال إيمانويل ايبويه نجم الآرسنال الإنجليزي خلال هذه
البطولة .
على الرغم من قصر الفترة التي قضاها
عبد الوهاب في النادي الأهلي والتي دامت لعامين فقط ألا أن اللاعب كان
معشوقاً للجماهير بسبب حسن خلقه وتدينه وعدم إثارته لأي مشاكل لدرجة أن
جماهير الأهلي قد انتصبت واقفة في ذهول عندما سقط عبد الوهاب مغشياً عليه
بعد التحام مع أحد لاعبي الزمالك في نهائي كأس مصر 2005/2006 لكن تلك
الجماهير لم تكن على علم أن القدر يدخر لهم صدمة أقوى من تلك وخلال فترة
قصيرة .
انجازاتهخلال مشواره في
ملاعب كرة القدم والذي دام لثلاث سنوات فقط حقق عبد الوهاب إنجازاً رائعاً
فشل نجوم كبار استمروا لسنوات عديدة في تحقيقه حيث حصد 10 بطولات 7 منهم
محلية مع الأهلي وهي (درع الدوري "مرتين" ، كأس السوبر المحلي "مرتين" ،
كأس مصر ، دوري أبطال افريقيا ، كأس السوبر الأفريقية ).
وشارك
مع النادي الأهلي في 26 مباراة في الدوري العام كما أحرز 3 أهداف أولهم في
مرمى الكروم السكندري والثاني في مرمى إنبي والأخير في مرمى الإسماعيلي في
المباراة الشهيرة 4-0 كما سجل هدف واحد في البطولات الأفريقية للأندية
وكان في مرمى توسكر الكيني في أياب دور الـ32 بدوري الأبطال الأفريقي
لموسم 2006 .
نكسة 31 أغسطس 2006قبل الحادثة الشهيرة بيوم واحد عاش محمد عبد الوهاب حالة شديدة من
الحزن بسبب وفاة صديقه أحمد وحيد لاعب الترسانة وقال للمقربين منه بأنه
يشعر بأن نهايته ستكون مثل وحيد ، استيقظ عبد الوهاب صباح يوم الخميس
باكراً لآداء التدريب الصباحي وارتدى ملابسه وتوجه إلى ملعب مختار التتش
حيث نزل إلى أرض الملعب لإجراء تدريبات الإحماء مع زملاءه وشارك في
التقسيمة التي اجراها المدير الفني بعد الإحماء وعندما كان يقف بجوار أمير
عبد الحميد جاءته كرة كان من المفترض أن يقوم بتمريرها لزملاءه ، لكن هذا
لم يحدث فقد مال اللاعب برأسه وصدره إلى الأمام قبل أن ينقلب على ظهره
فجأة مثيراً حالة من الذعر وسط زملاءه الذين اندفعوا إليه حيث أجرى طبيب
الفريق إيهاب علي فحصاً طبياً لمدة 3 دقائق ثم أحضر وائل رياض سيارته إلى
أرض الملعب وقام أمير عبد الحميد وطارق السعيد وإسلام الشاطر بحمل اللاعب
ووضعوه في السيارة وانطلقوا به إلى مستشفى السلام الدولي حيث دخل محمد عبد
الوهاب إلى غرفة العناية المركزة خرج بعدها بخمس دقائق فقط طبيب الفريق
إيهاب علي ليعلن خبر وفاته وسط ذهول من زملاءه .
صدمة
غير متوقعة بالمرة تلك التي تلقاها الشعب المصري بكل فئاته ظهر يوم الخميس
الموافق 31 أغسطس 2006 والتي لم يصدقها الجميع إلا عندما وجدوا الجميع
يؤكد ذلك الخبر ، ففي الوقت الذي كان يعول فيه الجمهور المصري على محمد
عبد الوهاب كلاعب من الأعمدة الرئيسية التي ستدعم المنتخب المصري في رحلة
الوصول إلى كأس العالم 2010 ، وكان جمهور النادي الأهلي في انتظار توصل
مسئولي النادي الأهلي ومسئولي نادي الظفرة الإماراتي لحل يتم بموجبه تسوية
الأمور بين الطرفين بشكل يضمن لعبد الوهاب الإنضمام للنادي الأهلي بشكل
نهائي خاصة في ظل وجود تعنت من الجانب الإماراتي في المقابل المادي ووصلت
الأمور لأن تشغل بال عبد الوهاب بشكل كبير وهو ما أكده جميع زملاءه في
الفريق قبل أن يدخل لاعبوا الفريق للمران الصباحي في هذا اليوم ويسقط
النجم فاقد الوعي على أرض الملعب ويتم نقله بشكل فوري لإحدى مستشفيات
القاهرة حيث أجريت له الإسعافات الأولية لكن قرار الخالق قد نُفذ وفارق
عبد الوهاب الحياة عن عمر يناهز 23 عام فقط .
يوم من الحزن على الشارع المصري بكل
ألوانه بدا على وجوه كل فرد يحب أو يكره النادي الأهلي وتجمعات جماهيرية
كبيرة شهدتها مراسم تشييع جنازته ليسدل الستار على مسيرة قصيرة حافلة
بالإنجازات للاعب شاب طالما فقدته الكرة المصرية .
لن ينساك الملعب
فقدت
مصر محمد عبد الوهاب وفقدت معه نجم من النجوم التي تلألأت في سماء الكرة
الأفريقية والعربية وربما كان سيصل بريقها للعالمية لولا قضاء القدر ،
فمنذ ذلك الحين ومركزه غير قابل للتعويض على الرغم من تناوب أكثر من 10
لاعبين على هذا المركز في النادي الأهلي ومنتخب مصر .
وجد مانويل جوزيه مدرب النادي الأهلي نفسه مجبراً على الإستعانة بطارق السعيد ذو المجهود القليل بسبب تقدمه في السن وكان ذلك في فترة ما قبل كأس العالم للأندية بسبب إصابة
جيلبيرتو قبل أن يتوجه للإعتماد على قطاع الناشئين فانتدب أحمد شديد قناوي
الذي خدمته الظروف لكنه فشل في إثبات نفسه كظهير أيسر كونه صانع ألعاب في
الأساس مع ناشئي الفريق فكان يتميز بالآداء الهجومي والمهارة العالية على
حساب الواجبات الدفاعية وراح دفاع الأهلي يتلقى هدفاً تلو الآخر بسبب
العجز الواضح في الناحية اليسرى .
حاول النادي الأهلي الإجتهاد في
هذا المركز فقام بتصعيد أحمد عطوة وعمرو الحلواني من فريق الشباب وذهب
ليشتري عبد الحميد أحمد من وادي دجلة ولكن أثبت الجميع أن مركز عبد الوهاب
في الملعب تم تجميده لعدم وجود لاعب بمجهود مضاعف يقوم بالأدوار التي كان
يؤديها عبد الوهاب ، حتى بعدما عاد جيلبيرتو لم ينصلح الحال وربما قد بدأ
العجز يختفي شيئاً ما بقدوم لاعب ذو خبرة واسعة مثل سيد معوض لكنه لم ولن
ينجح في محو تاريخ عبد الوهاب في الملعب .
على
مستوى المنتخب المصري فقد مر بفترة من التخبط التي لازمت البدائل حيث نجح
عبد الله رجب لاعب المصري في مباراة واحدة وفشل في التي تلاها واستمر
مسلسل الفشل من أحمد أبومسلم وأحمد سمير فرج ثم طارق السيد الذي حاول
العودة لكنه لم يغير من الوضع ساكناً بالإضافة لأسامة محمد لاعب بتروجيت
ذو الآداء الهجومي فقط إلى أن جاء سيد معوض وعوض العجز الدفاعي في هذا
المركز .
عبد الوهاب جديد !!!
منذ
رحيله وعشاقه يبحثون عن اللاعب الذي يستحق التشبيه بخليفة محمد عبد الوهاب
وهو اللقب الذي وضعه البعض في عبد العزيز توفيق مدافع إنبي وزميل محمد عبد
الوهاب في المنتخب العسكري سابقاً والذي يتمتع بقدرات بدنية قوية وتكتيكة
عالية اهلته لشغل مركز الظهير الأيسر في أكثر من مناسبة على الرغم من لعبه
بالقدم اليمني ، لكن تلك الثقة تم سحبها سريعاً مع تدني مستوى اللاعب .
عبر بطولة السلام الودية للمنتخبات الأولمبية والتي أقيمت في قطر 2007 تنبأ البعض بأن يكون
محمد عبد الشافي الظهير
الأيسر لنادي غزل المحلة سابقاً ونادي الزمالك حالياً هو النجم المنتظر
لتعويض فقدان نجم ذهبي مثل محمد عبد الوهاب وهو الأمل الذي لم ينقشع حتى
الآن على الرغم من تذبذب مستوى اللاعب على فترات طويلة لكنه أثبت نفسه
بقوة بهدفه في مرمى المنتخب الجزائري بكأس الأمم الأفريقية 2010 جعل
البعض يشبهه بالفعل بخليفة محمد عبد الوهاب لكنه لا يقارن حتى الآن على
الرغم من مستواه الراقي .
قالوا عنه ...
نجوم الكرة المصرية في حالة ذهول كبير
أمير عزمي مجاهد، محمود فتح الله، أيمن عبد العزيز، عصام الحضري، إسلام الشاطر، حسني عبد ربه، حمادة صدقي
|
الدكتور طه إسماعيل:"الموقف محزن وأليم لأن الكرة المصرية خسرت لاعباً خلوقاً في مقتبل العمر
ومن الدعائم الأساسية والرئيسية للأهلي ومنتخب مصر ورحيله خسارة كبيرة بكل
تأكيد لأنه من اللاعبين الملتزمين ".
حلمي طولان:" رحيل محمد عبد الوهاب بلا شك خسارة كبيرة للأهلي ومنتخب مصر لأنه لاعب
دولي وأساسي وكان ينتظره مستقبل طيب وكان يقاتل من أجل البقاء بالأهلي
ورحيله خسارة بكل تأكيد ".
طارق السيد: " عبد
الوهاب كان زميل منتخب وعلاقتي به جيدة بإعتبار أنه يلعب في نفس المركز
الذي ألعب فيه والمنافسة بيننا دائماً كانت قوية لصالح الفريق وأضاف أنه
يدعو له بالرحمة ويرزق أهله الصبر والسلوان ".
حازم إمام:" سبحان من له الدوام .. أنا لم أصدق نفسي ولكنها إرادة الله فقد كان محمد
معي مساء الأربعاء بنادي مدينة نصر حيث كان يجري بروفات على الأغنية التي
كان سيغنيها في مهرجان سيد عبد الحفيظ وقد تواجدت أنا الآخر لتصوير بعض
اللقطات الخاصة بالمهرجان أيضاً ".
أقوال لا تصف كثيراً ما بقلوبنا
أو داخل قلوب محبي كرة القدم حول الوطن العربي والذين يعرفون محمد عبد
الوهاب جيداً ويكنون له العشق النابض حتى الآن فقد اختاره الله وتوفاه
وحرمنا من مشاهدته يصول ويجول في الملاعب لكنه لم يمت بقلوبنا مازال
حاضراً سواء بمناسبة أو بدون مناسبة وهو ما يدفعنا دائماً إلى التوجه
بالدعاء لله بأن يرزق والدته وأهله الصبر والسلوان خاصة عندما تمر ذكرى
وفاته في أيام كريمة متقبل فيها الدعاء ونسألكم له ولأهله الدعاء كي يسكنه
فسيح جناته .
"
يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ
رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي "لن تمحى من ذاكرة التاريخ يا عبد الوهاب