تداولت الوكالات خبر إعلان السويسري دانييل ستريتش إسلامه وتواريه عن
الأنظار، والرجل ببساطة هو النائب البرلماني الذي كان وراء قانون منع
المآذن في سويسرا منذ أسابيع... ولم يفهم الناس سبب هذا التحول الجذري في
حياة ستريتش الذي اعتبره المسلمون عدواً لهم ولعقيدتهم... وقبله بأسابيع
أيضاً أفاق الفرنسيون على مطربة الأغاني الصاخبة ديامز وهي تخرج إلى شوارع
باريس واضعة الحجاب، في عز الحرب على النقاب في فرنسا... والأمر لم يتوقف
هنا، لأن عظمة الإسلام لا تجذب إليها مشاهير السياسة والفن فحسب... بل
والرياضة أيضاً.
والأمر مختلف هنا، لأنه منذ إشهار الأسطورة محمد علي إسلامه في العام
1964 اعتقد الناس أن أي رياضي يصل قمة الشهرة عليه أن يكون مسلماً، وحدث
هذا مع مارادونا الذي شارك في مباراة اعتزال أمين دابو نجم الأهلي السعودي
1987، وحينها كنت بجدة في رحلة ثقافية ولم أتمكن من حضور المباراة، لكنني
سمعت الناس يقولون إن الفتى الأرجنتيني، وهو في أوج تألقه، أبدى انبهاراً
بالإسلام، ولفرط الحديث عن هذا الموضوع اعتقدت جازماً أن مارادونا لن
يغادر المملكة إلا وهو يحمل لقب الحاج دييجو... وبعد فترة رأيناه يضع
طاقية اليهود على رأسه قبالة حائط المبكى كما يسمونه في القدس.
وعندما مرّ النجم البرازيلي ريكاردو كاكا بالإمارات، مشاركاً في مباراة
ودية هناك، انتشر خبر إسلامه في مواقع الإنترنت كالنار في الهشيم، وقال
أصحاب ألسنة الخير والشر، لن يغادر الرجل الخليج إلا وصار داعية في
إيطاليا وإسبانيا والبرازيل... لكنه في أول مباراة بعد العودة، رفع رأسه
إلى أعلى، وقال: باسم الأب والابن وروح القدس... وفهم الناس أنه ما زال
على دين أبويه.
ولم يتوقف البحث عن معتنقين جدد للاسلام، وفتح الباب واسعاً على
الفرنسي الأسمر تيري هنري، وصار إسلام الرجل قاب قوسين أو أدنى إن لم يكن
تم في السر، وفهم عشاقه ومحبوه أن سجدته في الملاعب إيحاء بقرب إسلامه،
ولم يتوان الرجل في تمجيد فضائل الاسلام، ولأعلن أنه يتدبره بإمعان، ولكنه
لم يغير دينه، فأغلق المهتمون بإسلام النجوم ملفه، وصاروا أكثر تمجيداً
لكانوتي وسايدو كايتا وأنيلكا، ويكثر الحديث عن نظرة اللاعبين والمدربين
لكل ما له صلة بالاسلام في شهر رمضان، وفتحوا النار كثيراً على مورينيو
لأنه أخرج اللاعب الغاني المسلم مونتاري بعد نصف ساعة من المباراة بدعوى
تأثير الصيام على أدائه وقدراته البدنية، وعلى رغم سلاطة لسان البرتغالي،
فإنه وجد نفسه أمام ضرورة الاعتذار عن عدم فهمه، فهو يحترم الاسلام ولا
يسمح لنفسه بالتدخل في القناعات الدينية للاعبين، وطوي الملف.
لكن الذي فوجئنا به هذا الاسبوع هو إصرار بعض المواقع الالكترونية
العربية على نشر خبر إسلام ميسي... إذ نسب إليه قوله: «إن الاسلام يحمل
رسالة هادفة إلى السلام والمحبة... ومن الجيد أن يكون المرء مسلماً، وأن
شخصية الاسلام تتجسد في المسلم كما لو أنه ولد ليكون مسلماً»، وأضاف موقع
مختص في الرياضة على لسان ميسي «أمر الديانة حرية شخصية لا يمكن لأي أحد
التدخل فيها» وأكثر من هذا يقول أحسن لاعب في العالم حسب الموقع
الالكتروني «أنا على قناعة تامة بإسلامي وكوني مسلماً لا يعني أن يقل
عطائي أو نقصان جزء من جسدي أو ما شابه ذلك». بل إن الموقع يذهب أبعد من
ذلك إلى أن ميسي قال، ولا ندري لمن صرح بالضبط: «أتمنى ألا تتغير نظرة
الناس إلي بعد إسلامي، بخاصة إدارة نادي برشلونة ولاعبيه، وإدارة منتخب
الأرجنتين ولاعبيه أيضاً وغيرهم من المقربين والمحبين لي». والعهدة على من
أورد الخبر جملة وتفصيلاً...
صحيح، نحب ديننا ونتعلق به، لكن إذا أسلم محمد علي، فليس معنى هذا أن
على كل الرياضيين، أمثال مارادونا وكاكا وميسي أن يكونوا مثله.. كما أن
إسلام الفنان الانكليزي كات ستيفنس وتحوله إلى يوسف إسلام لن يدفع مايكل
جاكسون أو بريتني سبيرس إلى الاسلام... «إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله
يهدي من يشاء»... ومن قال إن ستيرش سيحارب المئذنة صباحاً، وينطق
بالشهادتين مساء...