هل تجزئ صلاة العيد عن صلاة الجمعة إذا وافق العيد يوم الجمعة السؤال:
هل صحيح أن صلاة الجمعة ليست واجبة على من صلى العيد يوم الجمعة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فالصحيح من كلام أهل العلم في هذه المسألة أنه يرخص لمن شهد العيد أن لا يشهد الجمعة على أن يصليها ظهرًا،
والسنة أن يجمع الإمام "أي يصلي جمعة"؛ حتى يدرك فضيلة الجمعة من أراد أن يجمع؛ لحديث زيد بن أرقم -رضي الله عنه- أن معاوية -رضي الله عنه- سأله: "شَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عِيدَيْنِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ؟"، قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَ: "فَكَيْفَ صَنَعَ؟"، قَالَ: "صَلَّى الْعِيدَ، ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: (مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّىَ فَلْيُصَلِّ)" (رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد، وصححه الألباني).
وحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (قَدِ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ، فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ) (رواه أبو داود وابن ماجه والنسائي، وصححه الألباني، ومثله عن ابن عباس وابن عمر مرفوعًا وموقوفـًا على عثمان وعلي -رضي الله عنهما-).
وروى أبو داود عن عطاء بن أبي رباح قال: "صَلَّى بِنَا ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي يَوْمِ عِيدٍ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ أَوَّلَ النَّهَارِ، ثُمَّ رُحْنَا إِلَى الْجُمُعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْنَا، فَصَلَّيْنَا وُحْدَانًا، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ، فَلَمَّا قَدِمَ ذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: أَصَابَ السُّنَّةَ" (رواه أبو داود، وصححه الألباني)،
وفي رواية لابن خزيمة: قال ابن الزبير -رضي الله عنهما-: "رأيت عمر بن الخطاب إذا اجتمع عيدان صنع مثل هذا"، وهذا له حكم الرفع، وهو دليل على أن الإمام لا يلزمه الخروج للجمعة؛ خلافـًا لمن أوجب عليه ذلك، ولكن الأفضل له أن يخرج للجمعة؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ).
وأما ترك عمر وابن الزبير -رضي الله عنهم- للخروج؛ فلعله لبيان الرخصة والجواز، فقد يترك الأفضل أحيانـًا؛ لبيان الرخصة، وفي قوله: "فَصَلَّيْنَا وُحْدَانًا" أي ظهرًا منفردين؛ لأن الجمعة لا تـُصلى إلا في جماعة، وهو يرد على من يقول بأنه تسقط صلاة الظهر عمن شهد العيد، وهو قول شاذ مخالف للأحاديث المتواترة في وجوب خمس صلوات في اليوم والليلة؛ فإذا سقطت الجمعة وجبت مكانها الظهر، وعدم خروج عمر وابن الزبير لا يدل على أنهما لم يصلياها، بل ربما صليا في البيت جماعة؛ لبيان الرخصة كما ذكرنا، ووقائع الأحوال إذا تطرق إليها الاحتمال سقط بها الاستدلال؛ لما يبقى فيها من الإجمال، فكيف تترك بمثل هذا النصوص المتواترة؟!
إلا أن من ذهب إلى أن وقت الجمعة هو من وقت الضحى -وهو الأظهر عند الحنابلة مع كونه مرجوحًا من جهة الدليل- فمن قال بهذا القول وكون المصلي قد نوى بصلاة العيد الجمعة معها بنية الفرض مع النفل؛ فيمكن توجيه هذا القول مع هذا مع كونه ضعيفـًا، ومع الاحتمال الذي سبق ذكره لا يصح الاعتماد عليه.
ومن أهل العلم: كمالك وأبي حنيفة من منع من هذه الرخصة أصلاً، وقال بوجوب الجمعة مع العيد، ومنهم من خص ذلك بمن كان من الأطراف والعوالي التي لا تقام فيها جمعة، والظاهر أن الرخصة ثابتة لكل من شهد العيد، والله أعلم.